"إن إباحة التحدث عنهم -فيما ليس عندنا دليل على صدقه ولا كذبه- شَيء، وَذِكْرُ ذلك في تفسير القراَن -وَجَعْلُهُ قَوْلًا أو رواية في معنى الآيات، أو في تعيين ما لم يُعَيَّن فيها، أو في تفصيلِ ما أُجْمِل فيها- شيءٌ آخر!! لأن في إثبات مثل ذلك بجوار كلام الله ما يُوهم أن هذا الذي لا نعرف صدقه ولا كذبه مُبَيِّن لمعنى قول الله -سبحانه- ومُفَصِّل لما أُجْمِلَ فيه، وحاشا لله وكتابه من ذلك.
وإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- -إذ أذن بالتحدث عنهم- أَمَرَنَا أن لا نُصَدِّقَهُمْ ولا نكَذِّبَهُم، فأيُّ تصديقِ لرواياتهم وأقاويلهم أقوى من أن نقرنها بكتاب الله، ونضعها منه موضع التفسير أو البيان؟! اللهم غفرًا".
ثم نقل عن الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- قوله: " ... وفي القرآن غُنْيَة عن كل ما عَدَاهُ من الأخبار المتقدمة؛ لأنها لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان، وقد وُضِعَ فيها أشياء كثيرة، وليس لهم من الْحُفَّاظِ المتقنين الذين ينفون عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين؛ كما لهذه الأمة من الأئمة والعلماء، والسادة والأتقياء، والبررة والنجباء، من الجهابذة النقاد، والْحُفَّاظ الجياد، الذين دَوَّنوا الحديث وحرَّروه، وبيَّنوا صحيحه من حسنه من ضعيفه، من منكَره