إن كثيرًا من الجماعات الدعوية تبني خططها على أساس ترقب حصول هذا الاستثناء، وتهمل قانون السنن الإلهية الثابتة العادلة.
إن خرق العادة في كلّ موقفِ محنةٍ للمسلمين -ينافي كون الدنيا دار عمل وامتحان، والإيمان الذي ينشأ نتيجة الاضطرار لا اعتداد به؛ كإيمان الكافر عند حضور ملك الموت، واليقين الذي ينشأ اضطرارًا لا عبرة به {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ}[السجدة ١٢].
لقد أزعج هذا النمط العجيب من التفكير كثيرًا من الناصحين؛ فكتبوا يُصَحِّحُونَ المفاهيم، ويُحَذِّرُونَ الأمةَ من الذين {كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ} , وهاك مقالات بعضهم:
أولًا: قال العلَّامَةُ المجدِّد ناصر الدين الألباني -رحمه الله تعالى-: "لا يجوز للمسلمين اليوم أن يتركوا العمل للإسلام، وإقامة دولته على وجه الأرض انتظارًا منهم لخروج المهدي، ونزول عيسى -عليهما السلام- يأسًا منهم أو توهمًا أن ذلك غير ممكن قبلهما، فإن هذا تَوَهُّم باطل، ويأسٌ عاطل؛ فإن الله تعالى أو رسوله -صلى الله عليه وسلم- لم يخبرنا أن لا عودة للإسلام، ولا سلطان له على وجه الأرض إلَّا في زمانهما؛ فمن الجائز أن يتحقق ذلك قبلهما إذا أخذ المسلمون بالأسباب الموجبة لذلك؛ لقوله تعالى:{إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد: ٧]، وقوله": {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج: ٤٠].
ولقد كان هذا التوهم من أقوى الأسباب التي حملت بعض الأساتذة المرشدين، والكتاب المعاصرين، على إنكار أحاديث المهدي وعيسى عليهما السلام، على كثرتها وتواترها؛ لما رأوا أنها عند المتوهمين