للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وموضوعه، ومتروكه ومكذوبه، وعزَفوا الوضَّاعين، والكذَّابين، والمجهولين، وغير ذلك من أصناف الرجال؛ كل ذلك صيانة للجناب النبوي والمقام المحمدي، خاتَم الرُّسُل، وسيد البشر -صلى الله عليه وسلم- أن يُنْسَبَ إليه كَذِبٌ، أَو يُحَدَّثَ عنه بما ليس منه، فرضي الله عنهم وأرضاهم، وجعل جنات الفردوس مأواهم، وقد فعل".

وقال ابن كثير -رحمه الله تعالى- عند تفسير الآيات (٥١ - ٥٦) من سورة الأنبياء، بعد إشارته إلى حال إبراهيم -عليه السلام- مع أبيه، ونظره إلى الكواكب والمخلوقات: "وما قَصَّهُ كثيرٌ من المفسرين وغيرِهم فعَامَّتُها أحاديثُ بني إسرائيل، فما وافقَ منها الحقَّ مما بأيدينا عن المعصوم قَبِلْنَاهُ؛ لموافقته الصحيح، وما خالف منها شيئا من ذلك رددناه، وما ليس فيه موافقة ولا مخالفة، لا نصدِّقهُ ولا نكذِّبه، بل نجعله وَقْفًا، وما كان من هذا الضَّرْب منها فقد رخَّص كثير من السلف في روايته، وكثير من ذلك مما لا فائدة فيه، ولا حاصل له مما يُنْتَفَعُ به في الدِّين، ولو كانت فائدتُهُ تعود على المكلَّفين في دينهم لبينَتْهُ هذه الشريعةُ الكاملةُ الشاملةُ، والذي نَسْلُكُه في هذا التفسير الإعراضَ عن كثير من الأَحاديث الإسرائيلية؛ لما فيها من تضييع الزمان، ولما اشتَمل عليه كثير منها من الكذب الْمُرَوَّج عليهم؛ فإنهم لا تَفْرِقَةَ عندهم بين صحيحها وسقيمها، كما حَرَّره الأئمة الحُفَّاظُ المتْقِنُون من هذه الأمة".

وقال -أي: ابن كثير- عند تفسير الآية (١٠٢) من سورة البقرة: "وقد رُوي في قصة هاروتَ وماروتَ عن جماعة من التَّابعين؛ كمجاهد، والسُّدي، والحسن البصري، وقتادة، وأبي العالية، والزهري، والرَّبيع بن أنس، ومقاتل بن حيَّان، وغيرهم، وقصَّها خلق من المفسرين؛ من المتقدِّمين

<<  <   >  >>