للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تفيد حكايةُ الأَقوال فيه: هو كالمعرفة؛ لما يُرْوَى من الحديث الذي لا دليل على صحته، وأمثَالُ ذلك.

وأَمَّا القسم الأول الذي يمكن معرفة الصحيح منه، فهذا موجود فيما يُحْتَاجُ إليه، ولله الحمد" (١). اهـ.

وقال، في موضعٍ آخر: "وغالب ذلك -يعني: المسكوت عنه- مما لا فائدة فيه يعود إلى أَمر ديني؛ ولهذا يختلف علماء أَهل الكتاب في مثل هذا كثيرًا، ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك كما يذكرون في مثل هذا أسماءَ أَصحاب الكهف، ولون كلبهم، وعِدَّتهم، وعصا موسى، من أي الشجر كانت؟، وأَسْماءَ الطيور التي أحياها الله لإبراهيم، وتعيين البعض الذي ضُرِبَ به المقتول من البقرة، ونوع الشجرة التي كلَّم الله منها موسى، إلى غير ذلك؟ مما أبهمه الله في القرآن؛ مما لا فائدة في تعيينه تعود على الْمُكَلَّفِين في دنياهم، ولا دينهم، ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز؛ كما قال -تعالى-: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (٢٢)} [الكهف: ٢٢].

فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأَدب في هذا المقام، وتعليم ما ينبغي في مثل هذا؛ فإنه -تعالى- أخبر عنهم بثلاثة أقوال، ضَعَّفَ القولين الأولين، وسكت عن الثالث، فدلَّ على صحته؛ إذ لو كان باطلًا لرَدَّه كما رَدَّهُما، ثم أَرْشَدَ إِلى أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته،


(١) "مقدمة في أصول التفسير"، ص (١٧ - ٢٠).

<<  <   >  >>