للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فانظر، كيف انتقلوا من الأسماء إلى الرمز بالحرف، ومن الرمز بالحرف إلى الرمز بحيوان دلت عليه الحروف، قال الحَبْرُ الإنجليزي "صموئيل مونتج": "إنه كان يوجد كثيرا في قبور رومة صور أسماك صغيرة مصنوعة من الخشب، والعظم، وكان كل مسيحي يحمل سمكة؛ إشارةً للتعارف فيما بينهم " (١).

وجنح الشيخ "محمد عبد العظيم الزرقاني" صاحب "مناهل العرفان" إلى تفسير الحروف المقطعة في أوائل السور بالرموز التي تعارفت عليها الطوائف اليهودية من حساب الجمل، وأن القرآن قد جاء بها؛ لتتفق مع مذاهبهم، قال الشيخ: "إذا كان من طبائع الأمم التي أحاطت بالبلاد العربية، وتغلغلت فيها، ونزل القرآن لجميع الناس من عرب، وعجم، كان لابد أن يكون على منهج تَلَذُّهُ الأمم، ويكون فيه ما يألفون".

ثم ذكر الشيخ حكاية حييِّ بن أخطب اليهودي؛ الذي عَدّ فيها عُمر الأمة الإسلامية (٢)، وانتهى الشيخ بعد أن ذكر هذه الرواية -دون أن ينبه على ضعفها- إلى أن حساب الجمل كان للتعارف عند اليهود، وهو نوع من الرموز الحرفية؛ فكانت هذه الحروف لابد من نزولها في القرآن (٣).

ويعلق الدكتور "محمد محمد أبو فراخ" -حفظه الله- قائلًا: "إن هذه الحروف لم تأتِ على منهج يَلُذُّهُ اليهود، أو غيرهم؛ وإنما جاءت على منهج القرآن العظيم المتلائم المتناسب، فيما قدمه من حروف وكلمات،


(١) "الجواهر في تفسير القرآن الكريم " (٢/ ٥).
(٢) تقدم تضعيفها ص (٢١٨).
(٣) "مناهل العرفان" (١/ ٢٢٤، ٢٢٥).

<<  <   >  >>