مطلب بيان كذب من ادَّعى لمدة الدنيا عددًا معلومًا قال (أبو محمد): "وأما اختلاف الناس في التاريخ فإن اليهود يقولون: للدنيا أربعة آلاف سنة ونيف، والنصارى يقولون: للدنيا خمسة آلاف سنة، وأما نحن فلا نقطع على عدد معروف عندنا، وأما من ادَّعَى في ذلك سبعة آلاف سنة، أو أكثر، أو أقل؛ فقد كذب، وقال ما لم يأتِ قط عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيه لفظة تصح، بل صح عنه -صلى الله عليه وسلم- خلافُه، بل نقطع على أن للدنيا أمدًا لا يعلمه إلا الله تعالى، قال الله -سبحانه-: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ}[الكهف: ٥١]، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَا أَنْتُم فِي الأمَمِ قَبْلَكُم إِلَّا كالشَّعْرَةِ البيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الْأسْوَدِ أَوْ الشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي الثَّوْرِ الْأَبْيَضِ"، هذا عنه عليه السلام ثابت، وهو عليه السلام لا يقول إلا عين الحق، ولا يسامح بشيء من الباطل، وهذه نسبة مَن تدبرها، وعرف مقدار أعداد أهل الإسلام، ونسبة ما بأيديهم من معمور الأرض، وأنه الأكثر؛ علم أن للدنيا عددًا لا يحصيه إلا الله الخالق تعالى، وكذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ" وضم أصبعيه المقدستين السبابة، والوسطى، وقد جاء النص بأن الساعة لا يعلم متى تكون إلا الله -تعالى- لا أحد سواه؛ فصح أنه -صلى الله عليه وسلم- إنما عنى شدة القرب، وله -صلى الله عليه وسلم- منذ بُعث أربعمائة عام ونيف، والله -تعالى- أعلم بمقدار ما بقي من عمر الدنيا؛ فإذا كان هذا العدد العظيم لا نسبة له عندما