للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما- قال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، صَلَاةَ الْعِشَاءِ، فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ فَقَالَ: «أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ؟ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ» (١)، وإنما أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- انقضاء القرن الذي هو فيه (٢)؛ أي: إنه بعد مائة عام يموت كل من كان حيا عندما نطق النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا الحديث.

ومما يدل على أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يُرِدْ قيامَ الساعة: ما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِشَهْرٍ: «تَسْأَلُونِي عَنِ السَّاعَةِ؟، وَإِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ، وَأُقْسِمُ بِاللهِ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ تَأْتِي عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ» (٣).

قال ابن الأثير -رحمه الله تعالى-: "والمعنى في الحديث: أن كل من هو موجود الآن -يعني ذلك الوقت إلى انقضاء ذلك الأمد المعين- يكونون


(١) رواه البخاري (١١٦)، ومسلم (٢٥٣٧)،- واللفظ له- والترمذي (٢٢٥٢)، وتتمته: قال ابن عمر: فَوَهَلَ الناس في مقالة رسول الله تلك، فيما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مائة سنة، وإنما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد"، يريد بذلك أن ينخرم القرن؛ أي: ينقطع وينقضي، والقرن من الزمان: أهل زمان مخصوص، ووَهَلَ: غَلِط وذهب وَهْمُه إلى غير الصواب.
(٢) وهذا ما يُطلق عليه بعضهم "الساعة الوسطى"، كما في "المفردات" للراغب ص (٤٣٤، ٤٣٥) قال: "والساعة الوسطى، وهي موت أهل القرن الواحد".
(٣) رواه مسلم (٢٥٣٨)، والترمذي (٢٢٥١).

<<  <   >  >>