للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (٤٣) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (٤٤) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (٤٥)} [النازعات: ٤٢ - ٤٥]. ونقل الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله تعالى- عن الألوسي -رحمه الله تعالى- قوله: "وإنما أخفى سبحانه أمر الساعة لاقتضاء الحكمة التشريعية ذلك؛ فإنه أدعى إلى الطاعة، وأزجر عن المعصية، كما أن إخفاء الأجل الخاص للإنسان كذلك، ولو قيل بأن الحكمة التكوينية تقتضي ذلك -أيضًا- لم يبعد، وتدلُّ الآيات على أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يَعْلَمْ وقت قيامها، نَعَم علم -صلى الله عليه وسلم- قربها على الإجمال، وأخبر-صلى الله عليه وسلم- به" (١).

وقال صاحب المنار -رحمه الله تعالى- أيضًا:

"فيجب على المؤمنين أن يخافوا ذلك اليومَ، وأن يحملهم الخوف على مراقبة الله تعالى في أعمالهم؛ فيلتزموا فيها الحقَّ، ويتحروا الخيرَ، ويتقوا الشرور والمعاصي، ولا يجعلوا حظهم من أمر الساعة الجدالَ، والقيل والقالَ، وإننا نرى بعض المتأخرين قد شغلوا المسلمين عن ذلك ببحث افتجره بعض الغلاة، وهو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يَبْقَ طولَ عمره لا يعلم متى تقوم الساعة؟ كما تدلُّ عليه آيات القرآن الكثيرة؛ بل أعلمه الله تعالى به، بل زعم أنه أطلعه على كل ما في علمه، فصار علمه كعلم ربِّه (٢)، أي صار نِدًّا وشريكًا لله تعالى في صفة


(١) "نفسه" (٩/ ٣٩٣) بتصرف.
(٢) راجع: "المهدي" للمؤلف ص (٢٨٢، ٢٨٣).

<<  <   >  >>