للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فَقَالَ: يُوشِكُ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ قَفِيزٌ (١) وَلَا دِرْهَمٌ، قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ ذَاكَ؟ قَالَ: مِنْ قِبَلِ الْعَجَمِ، يَمْنَعُونَ ذَاكَ، ثُمَّ قَالَ: يُوشِكُ أَهْلُ الشَّأْمِ أَنْ لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ دِينَارٌ وَلَا مُدْيٌ (٢)، قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ ذَاكَ؟ قَالَ: مِنْ قِبَلِ الرُّومِ، ثُمَّ سَكَتَ هُنَيَّةً، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي خَلِيفَةٌ يَحْثِي الْمَالَ حَثْيًا، لَا يَعُدُّهُ عَدَدًا» قَالَ قُلْتُ لِأَبِي نَضْرَةَ وَأَبِي الْعَلَاءِ: أَتَرَيَانِ أَنَّهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَا: لَا. (٣) " (٤).

قال النووي -رحمه الله تعالى- في شرحه هذا الحديث في "صحيح مسلم": "والحثو هو الحفن باليدين، وهذا الحثو الذي يفعله هذا الخليفة يكون لكثرة الأموال والغنائم والفتوحات مع سخاء نفسه" (٥). اهـ.


(١) القَفيز: مكيال لأهل العراق، ثمانية مكاكيك، يقدر بخمسة أوسق.
(٢) المُدْيُ: مكيال لأهل الشام يسع خمسة وأربعين رِطلَا، قيل: يسع تسعة عشر صاعًا.
(٣) يبعد أن تحمل الخلافة الراشدة الأخيرة المذكورة في حديث حذيفة -رضي الله عنه- الآنف الذكر، على خلافة عمر بن عبد العزيز؛ لقربها من الخلافة الراشدة، حتى يقال: إنه خامس الخلفاء الراشدين، ولعل أبا نضرة وأبا العلاء نظرا إلى قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: "في آخر أمتي"، فإن عمر بن عبد العزيز من أولها وليس من آخرها، كما أن خلافته لم تكن بعد ملكين: ملكٍ عاض، ثم ملك جبري.
(٤) أخرجه مسلم رقم (٢٩١٣)، (٢٩١٤)، والإمام أحمد (٣/ ٣٨، ٣١٧، ٣٣٣)، وانظر: "مجمع الزوائد" (٧/ ٣١٦).
(٥) "شرح النووي" (١٨/ ٤٠).

<<  <   >  >>