للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأزمنة (١) ولا يغث على الألسنة لأنه لم يُجعل لزمان دون زمان بل جُعل دليل البرهان والحجة على كل إنسان {لَا يَاتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}) (٢).

فهذه بضعة أحاديث وآثار من كتب الطائفتين تؤكد وبوضوح بالغ بأنّ المراد بحبل الله في الآية الكريمة هو (القرآن الكريم)، وأنّ العصمة من الضلالة والانحراف إنما تكون بالتمسك به.

ولهذا كان القرآن الكريم ولا يزال هو الحجة الفاصلة بين الفرق والمذاهب العقائدية المتناحرة. (إنّ من مميزاته الظاهرة الجلية أنه يجعل صاحبه قادراً على نقض الحجج الباطلة بسهولة منقطعة النظير ومن أقرب طريق.

ولن يحتاج - بعدُ - إلى كثرة الردود والتفريعات والمناقشات التي لا يحسنها إلا المختصون أو المتدربون، والتي ضيعت الحق على عامة الناس لأنهم يتصورون أنّ معرفته منوطة بالعلماء فقط، فإذا رأى أحد العوام أنه قد انهزم في نقاش أو حصر في مسلك ضيق وبان له تهافت حججه قال: علماؤنا أعلم ولا بد أن لهم ردوداً لا أعرفها وينهي نقاشه باقتراح مؤداه عرض الأمر على أحد أولئك العلماء من أجل حسمه ومعرفة القول الفصل فيه، وهو لا يدري أنّ مرجعية المسلم في أصول دينه وأساسياته قرآنية وليست بشرية.

وهكذا تضيع معالم الحق وتتشوش صورته في ذهنه ما دام هذا الهاجس في نفسه، لأنه يتصور أنّ الحق مع من غلب في النقاش، مع أنّ هذا ليس شرطاً مطّرداً لأنّ الغلب قد يكون للأعلم بأساليب الجدل، لا للأعلم بالحق!


(١) خلق الثوب أي: بلي
(٢) عيون أخبار الرضا ١/ ١٣٧

<<  <   >  >>