للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما المعنى الرابع الذي هو (شخص معصوم مُعين من قِبل الله تعالى المفترض الطاعة على الخلق) فهو معنى مخترع لا وجود له في لغة العرب ولا اصطلاح القرآن.

إنه من السهل على أحدنا أن يجمع كل آية في القرآن تضمنت كلمة (إمام) أو (أئمة) ويجعلها دليلاً على الإمامة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإن كانت الآية تتحدث عن أنبياء سابقين أو رجال لا علاقة لهم بالأئمة الإثني عشر لا من قريب ولا من بعيد.

ومتى ما ألزم نفسه بهذا المنهج في احتجاجه واستنباطه فإنّ هذا المنهج لا بد أن يكون سارياً في كل الآيات التي تتكلم عن الأئمة، لا أن تكون هناك انتقائية للنصوص.

فالله عز وجل الذي ذكر لفظ (إمام) و (أئمة) في القرآن الكريم استخدم اللفظ ذاته في المؤمن والكافر، فقال {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (١) وقال واصفاً الكفار الملعونين {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ} (٢).

فلو كان لفظ (أئمة) علماً على الأوصياء، ومنصب إلهي من الله تعالى لما جاز استخدام اللفظ ذاته في صنف ممن يدعون إلى النار.

وحُق لنا أن نسأل: لماذا لم يصرّح القرآن الكريم بأنّ علياً وصي محمد صلى الله عليه وآله وسلم كي لا يُترك المجال لأحد أن يفتح فمه وينكر الإمامة النصية بعد رسول الله؟

أوليس من العجيب أن يُظن في الله تعالى أنه قد جعل من قوله {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} التي تتحدث عن بني إسرائيل دليلاً على إمامة الأئمة الإثني عشر بعد محمد عليه الصلاة والسلام؟!!


(١) سورة السجدة آية ٢٤
(٢) سورة القصص آية ٤١

<<  <   >  >>