للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فضحك الأمريكي من هذا الجواب حتى كاد يستلقي على قفاه، وضحكت معه ضحكاً فيه معنى البكاء، وشر البلية ما يُضحك!) (١).

نعم .. شر البلية ما يُضحك، طاقات الأمة تُهدر، وأجيال تتناحر، لكن على ماذا؟ على مثل هذه المفاضلات التي لا منفعة فيها (٢)!

لم يكن هاجس الصحابة في زمانهم إثبات من الأفضل على الآخر بل رأينا أبا بكر الصدّيق يتولى الخلافة ويقول على المنبر: (أما بعد فإني قد وُليت عليكم ولست بخيركم) (٣).

ورأينا علي بن أبي طالب تُعرض عليه الخلافة فيقول (أنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً) (٤) ويخطب على منبر الكوفة فيقول: (خير هذه الأمة أبو بكر ثم عمر) (٥).


(١) مهزلة العقل البشري ص٢٤٦
(٢) وقد أحسن الإمام ابن عبد البر فيما ذكره في "الاستذكار ١٤/ ٢٤١" حيث يقول: (وقد أجمع علماء المسلمين أنّ الله تعالى لا يسأل عباده يوم الحساب: من أفضل عبادي؟ ولا هل فلانٌ أفضل مَنْ فلان؟ ولا ذلك مما يُسأل عنه أحدٌ في القبر، ولكنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد مدح خصالاً وحمد أوصافاً، من اهتدى إليها حاز الفضائل، وبقدر ما فيه منها كان فضله في ظاهر أمرِه على من لم يَنَلها، ومن قصر عنها لم يبلغ في الفضل منزلة من ناله).
(٣) صفة الصفوة ١/ ٢٦٠
(٤) نهج البلاغة- (٩٢) (ومن خطبة له (ع) لما أريد على البيعة بعد قتل عثمان رضي الله عنه).
(٥) مسند أحمد – حديث رقم (٨٣٦) و (٨٣٧) بسند صححه شعيب الأرنؤوط، وقد أشار ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة ١/ ١٧٨ إلى مظان الرواية في الكتب بألفاظها المتعددة راداً على المشككين فيها أو الزاعمين أنها جاءت من طريق التقية، بينما نص ابن تيمية في منهاج السنة النبوية ١/ ٣٠٨ على أنه (قد تواتر عنه رضي الله عنه أنه كان يقول على منبر الكوفة: "خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر" روى ذلك عنه من أكثر من ثمانين وجهاً ورواه البخاري وغيره، ولهذا كانت الشيعة المتقدمون كلهم متفقين على تفضيل أبي بكر وعمر كما ذكر ذلك غير واحد).

<<  <   >  >>