للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعلوا؟ فقلت: إنّ السؤدد والرياسة في الجاهلية كانت لا تعدو منزلتين إما رجل كانت له عشيرة تحميه وإما رجل كان له فضل مال يفضل به، ثم جاء الإسلام فجاء باب الدين، فمات النبي صلى الله عليه وآله وسلم وليس لأبي بكر مال، ولم تكن تيم لها مع عبد مناف ومخزوم تلك الحال (١)، فإذا بطل اليسار الذي كانت ترأس به قريش أهل الجاهلية فلم يبق إلا باب الدين فقدّموه له، فأُفحم الداوودي (٢).

أقول: قد أحسن الحسين المحاملي فيما ذكره لكن بقي الإشارة إلى مسائل أخرى.

إنّ الشيعة الإثني عشرية يقارنون بين الإمامين أبي بكر وعلي فيقولون: إنّ علياً أول الناس إسلاماً ولذا فهو أحق من أبي بكر بالخلافة.

لقد تتبعت أقوال المؤرخين في المسألة فوجدتهم قد اختلفوا في أول الناس إسلاماً اختلافاً لا يُمكن الترجيح فيه ترجيحاً تاماً، وسواء أكان إسلام أبي بكر متقدماً على إسلام علي أو العكس، فإنّ هذا لن يغيّر شيئاً.

فالتاريخ يشهد بأنّ الإمام علياً كان صغير السن في بداية البعثة النبوية (٣)، وعطاء الصبي ليس كعطاء الكبير، فالصبي قد يُستعان به في قضاء بعض الحوائج التي يطيقها الصغار لكنه


(١) يقصد أنّ (تيم) قبيلة أبي بكر الصدّيق، لم تكن لها رياسة وسطوة ونفوذ كرياسة ونفوذ وسطوة عبد مناف ومخزوم، ومع هذا قدّم الصحابة أبا بكر الصدّيق وهو رجل بلا مال ولا نفوذ.
(٢) المنتظم ١٤/ ٢٢ (ترجمة الحسين بن إسماعيل بن محمد المحاملي المتوفى سنة ٣٣٠هـ).
(٣) لم يبرز دور الإمام علي في مساندة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الفترة المكية إلا بنومه في فراش النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبيل الهجرة النبوية أي بعد ١٣ سنة تقريباً من البعثة، وقلة عطاء الإمام علي في بداية البعثة لم يكن لتقصيره رضي الله عنه في مساندة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكن حداثة السن لها دورها الذي لا ينبغي تجاهله، ولهذا لما شبّ ساند النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند الهجرة بالنوم في فراشه وإيهام الكفار بأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يخرج للهجرة، ثم ظهر دوره جلياً في المدينة = =كما هو معلوم ففاق بجهاده ونصرته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم الكثير من الصحابة، لكن المنصف الذي يعرف لعلي حقه وفضله وجهاده وتضحيته لن ينسى حق وفضل وجهاد وتضحية أبي بكر وبالذات في بداية البعثة التي كانت بالنسبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والإسلام أشد وأصعب الأيام التي عاشها.

<<  <   >  >>