للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي تقرير مسألة عصمة الإمام وتحديد مفهوم الإمامة في الآية الكريمة يقول الشيخ جعفر السبحاني: (والاستدلال بالآية على عصمة الامام، يتوقّف على تحديد مفهوم الإمامة الواردة في الآية والمقصود منها غير النبوّة وغير الرسالة، فأمّا الأوّل فهو عبارة عن منصب تحمّل الوحي، والثاني عبارة عن منصب ابلاغه إلى الناس. والإمامة المعطاة للخليل في أُخريات عمره غير هذه وتلك، لأنّه كان نبياً ورسولا وقائماً بوظائفهما طيلة سنين حتّى خوطب بهذه الآية، فالمراد من الإمامة في المقام هو منصب القيادة، وتنفيذ الشريعة في المجتمع بقوة وقدرة. ويعرب عن كون المراد من الإمامة في المقام هو المعنى الثالث، قوله سبحانه {أمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى مَا آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إبْراهيمَ الكِتابَ والحِكْمَةَ وآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظيماً}. فالإمامة الّتي أنعم بها الله سبحانه على الخليل وبعض ذرّيته هي الملك العظيم الوارد في هذه الآية. وعلينا الفحص عن المراد بالملك العظيم، إذ عند ذلك يتّضح أنّ مقام الامامة، وراء النبوّة والرسالة، وانّما هو قيادة حكيمة، وحكومة إلهية، يبلغ المجتمع بها إلى السعادة (١).

وقد فات الشيخ السبحاني أنّ ابراهيم عليه السلام نفسه لم يكن ملكاً في يوم من الأيام كبعض آله عليهم السلام!

فإنّ يوسف عليه السلام قد نال الملك العظيم كما قال الله تعالى في كتابه المجيد {رَبِّ قَدْ اَتَيْتَنِى مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِى مِنْ تَأويلِ الأحاديث} (٢).


(١) الملل والنحل ٦/ ٢٩٤
(٢) سورة يوسف آية ١٠١

<<  <   >  >>