للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد عرّف الطوسي المحكم والمتشابه بقوله: (فالمحكم هو ما علم المراد بظاهره من غير قرينة تقترن إليه ولا دلالة تدل على المراد به لوضوحه، نحو قوله {إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً} وقوله {لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّة} لأنه لا يحتاج في معرفة المراد به إلى دليل. والمتشابه: ما لا يعلم المراد بظاهره حتى يقترن به ما يدل على المراد منه. نحو قوله {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْم} فإنه يفارق قوله {وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيّ} لأنّ إضلال السامري قبيح، وإضلال الله بمعنى حكمه بأنّ العبد ضال ليس قبيح بل هو حسن) (١).

فالخوض في المتشابهات زلة ومهلكة، وأداة للخلاف يتسع بها إلى حيث يشاء الله، (فإنّ أكثر الاختلافات الواقعة في الفروع (٢) إنما نشأت من الخوض في المتشابهات التي يضطر الناظر فيها إلى الاستمداد بالرأي المتلون السيال الذي لا يقف على حد ولا على حال) على حد قول الشيخ عبد الله الجزائري في التحفة السنية ص٦.

وإنما سبيل المؤمن البصير في التعامل مع الآيات المتشابهات أن يسلك فيها القاعدة الشرعية الأصيلة القائلة: (إنّ الآيات المتشابهات إذا وردت وجب ردها إلى الآيات المحكمات) (٣).

{فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَاوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَاوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا


(١) التبيان ٢/ ٣٩٤ - ٣٩٥
(٢) إذا كان هذا حال الفروع وأثرها أقل بكثير من أصول الدين فكيف بالأصول والعقائد؟!
(٣) حقائق التأويل للشريف الرضي ص٢٧٧

<<  <   >  >>