للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك كقوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً} (١).

فإنّ الشاهد والمبشر والنذير والداعي والسراج المنير ليست مناصب مستقلة عن النبوة وإنما هي أوصاف لازمة لكل رسول، فإذا كان النبي كذلك كان إماماً ولا بد.

ولذلك فرّق الله تعالى بين داود وإبراهيم عليهما السلام في الخطاب.

فقال لداود عليه السلام {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّه} (٢) بينما قال لإبراهيم عليه السلام {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً}، لأنّ داود عليه السلام كان خليفة وحاكماً متصرفاً، وإبراهيم عليه السلام لم يكن كذلك.

ولا بأس بالاستئناس بكلام للمحقق الأردبيلي - وهو من كبار علماء الشيعة الإثني عشرية - في شرحه لقوله تعالى {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً} يذهب فيه إلى أنّ الإمامة المذكورة لغوية لا اصطلاحية حيث يقول: (والإمام: المقتدى به في أفعاله وأقواله، وهو أحد معنيي الإمام في مجمع البيان وفي الكشاف هو اسم لمن يؤتم به كالإزار لما يؤتزر به، يعني يأتمون بك في دينهم) (٣).

وبهذا يكون قوله تعالى {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً} جملة مفسرة للجملة السابقة وهي قوله تعالى {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنّ} فتكون إمامة النبوة هي احدى تلك


(١) سورة الأحزاب آية ٤٥ - ٤٦
(٢) سورة ص آية ٢٦
(٣) زبدة البيان ص٤٤

<<  <   >  >>