للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الابتلاءات التي ابتلي بها ثم تتابعت بقية الابتلاءات كبناء البيت العتيق وذبح ولده والصبر على إلقاءه بالنار وغيرها.

ولا عجب في هذا، فإنّ الابتلاء كما يكون بالضراء فإنه يكون بالسراء كذلك.

ثانياً: أنّ الله تعالى قد قال في كتابه الكريم واصفاً الإمامة التي نالها إبراهيم عليه السلام وذريته من بعده {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَاب} (١) ولم يقل (الإمامة والكتاب)، وهذه قرينة قوية قد تصلح لتفسير الآية.

ومن غير المعقول أن يكون لدى هؤلاء الأنبياء ما هو أعظم من النبوة (أي الإمامة في المنظور الشيعي الإثنى عشري) ثم لا يذكرون بها.

وقد ذكر الشيخ عبد الله دشتي – وهو من علماء الشيعة المعاصرين - في كتابه (الإمامة في جذورها القرآنية) ما يؤكد المعنى الذي ذهبنا له في تفسير الإمامة بإمامة النبوة من دون أن يشعر بذلك إذ يقول: (ومن الآيات التي صرحت في اختيار الله الأنبياء من ذرية إبراهيم عليه السلام قوله تعالى عن إبراهيم عليه السلام {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِين} ومثله قوله تعالى {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُون}. والواضح أنّ الذين أوتوا الكتاب هم من المحسنين من ذريته. وأما المنطلق الذي يذكره القرآن لانتقال تلك الإمامة إلى ذرية إبراهيم عليه السلام فتتضح من قوله تعالى {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي


(١) سورة العنكبوت آية ٢٧

<<  <   >  >>