للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(ومن المعلوم أنه قد يكون التائب من الظلم أفضل ممن لم يقع منه، ومن اعتقد أنّ كل من لم يكفر ولم يُذنب أفضل من كل من آمن بعد كفره واهتدى بعد ضلاله وتاب بعد ذنوبه، فهو مخالف لما عُلم بالاضطرار من دين الإسلام، فمن المعلوم أنّ السابقين أفضل من أولادهم (١) وهل يُشبّه أبناء المهاجرين والأنصار بآبائهم عاقل؟!) (٢).

إنّ أول ما يُبطل دعوى مفسري الشيعة الإثني عشرية بأنّ المراد بـ (الظالمين) في الآية الكريمة مطلق من صدر عنه ظلم ما من شرك أو معصية وإن كان منه في برهة من عمره ثم تاب وأصلح، أنها دعوى بلا دليل.

إنّ (الظالمين) جمع (ظالم) والظالم اسم للمتلبس بالظلم المقيم عليه أما من تاب وانخلع منه فلا يُسمى ظالماً وإلا لم يدخل أحد من التائبين الجنة لأنهم (ظالمون)، والله تعالى يقول {أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِين} (٣) وتوعدهم بالعذاب فقال {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} (٤) ومثله في القرآن كثير.

فكيف يصح أن يُقال: (إنّ المراد بالظالمين في هذه الآية مُطلق من صدر عنه ظلم ما من شرك أو معصية وإن كان في برهة من عمره ثم تاب وأصلح)؟! إذن كل المسلمين في النار!

إنّ التائب من الذنب في شرعنا كمن لا ذنب له، والله عز وجل يقول {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ


(١) مع أنّ أولادهم قد وُلدوا على الإسلام وتربوا عليه بينما السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار كانوا على الشرك ثم اعتنقوا الإسلام.
(٢) من كلام تقي الدين ابن تيمية رحمه الله.
(٣) سورة هود آية ١٨
(٤) سورة الكهف آية ٢٩

<<  <   >  >>