للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبحانه وتعالى لابراهيم عليه السلام {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِين} والظلم هاهنا هو الشرك، وحد الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، والمشرك قد وجه عبادته إلى غير مستحقها، وهو عبادة الأصنام وهي غير مستحقة للعبادة) (١).

وقال في "خصائص الوحي المبين": (وكذلك من عبد الأصنام من ولد إبراهيم عليه السلام لم ينف عنهم النسب، وإنما نفى عنهم استحقاق الإمامة على مقتضى نفي الوحي العزيز للإمامة عمن عبد الأصنام بدليل قوله تعالى {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِين}) (٢).

وقال أيضاً: (فقال تعالى مجيباً له {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِين} وأراد بالظلم هنا عبادة الأصنام وأنّ من عبد الأصنام لا يكون إماماً {إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِين} (٣) (٤).

وكل هذا يلتقي التقاء واضحاً مع ما نص عليه كتاب الله تعالى من اعتناء إبراهيم عليه السلام بقضية التوحيد ونبذ الشرك بشكل خاص، فقد كان إبراهيم الخليل إمام الموحدين كلهم، ولذلك كان اليهود والنصارى يتنازعون إمامة إبراهيم عليه السلام لهم فقال لهم رب العالمين {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين. إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِين} (٥).


(١) العمدة ص١٧٣
(٢) خصائص الوحي المبين ص١٣٧
(٣) كانت الآية في الأصل (إنّ في هذا لبلاغاً لقوم يعقلون)، فلعل المؤلف قد وهِم إذ لا وجود لمثل هذه الآية المزعومة في المصحف كله! فاقتضى الأمر مني تعديل الآية كما هي في كتاب الله تعالى، والغريب أنه قد كررها في كتابه أربع مرات وفي مواضع متفرقة دون التنبه لمثل هذا الخطأ الشنيع!
(٤) خصائص الوحي المبين ص١٨٨
(٥) سورة آل عمران آية ٦٨

<<  <   >  >>