رابعاً: يزعم الإثناعشرية أنّ الأئمة الإثني عشر مستحقون للإمامة دون سائر الأمة استدلالاً بقوله تعالى {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِين} فقد فسّروا الظلم في الآية بالذنب، واعتبروا الأمة كلها داخلة في مسمى الـ (ظالم) لاقترافها الذنوب واستثنوا الأئمة الإثني عشر لاعتقادهم العصمة فيهم.
وفي الآية التي نحن بصدد شرحها ومناقشة استدلال الإثني عشرية بها ما ينقض أحد الاستدلالين على أقل تقدير.
لقد قسّم الله تعالى الناس في الآية إلى ثلاثة أقسام فقال {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَات} ومن الواضح بأنّ الفئة الأولى وهي فئة (الظالم لنفسه) هي فئة العصاة المذنبين ولذلك اختصها الله بهذه التسمية دون باقي الفئات الثلاث، ولو كانت فئة (المقتصدين) أو (السابقين بالخيرات) مستحقتان لهذا الوصف لذكرهما الله به، فعُلِم من ذلك أنّ فئة (المقتصدين) وهي بإجماع الشيعة لا يُراد بها الأئمة الإثنا عشر مستحقة للإمامة لأنها غير موصوفة بالظلم بنص كتاب الله تعالى.
قال الفخر الرازي في "تفسيره ٢٠/ ٥٨": (ثبت بالدليل أنّ كل الناس ليسوا ظالمين لأنه تعالى قال {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} أي: فمن العباد من هو ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق، ولو كان المقتصد والسابق ظالماً لفسد ذلك التقسيم، فعلمنا أنّ المقتصدين والسابقين ليسوا ظالمين، فثبت بهذا الدليل أنه لا يجوز أن يُقال كل الخلق ظالمون).
خامساً: ذكر ابن بابويه القمي الملقّب بـ (الصدوق) في "معاني الأخبار" عن أبي جعفر محمد بن علي عن أبي عبد الله الكوفي العلوي الفقيه بإسناد متصل إلى الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام أنه سئل عن قول الله عز وجل {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا