ثانياً: اختُلف في المراد بآية التطهير، فقيل: نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنهن من أهل بيته بدلالة الكتاب والسنة ولأنّ سياق الآيات لا يحتمل إلا ذلك.
وقيل: بل هم أصحاب الكساء (علي وفاطمة والحسن والحسين) ودليل هؤلاء (حديث الكساء) والخطاب في الآية، فقالوا: إنّ الخطاب في الآية يصلح للذكور لا الإناث لأنّ الله تعالى قد قال {عَنكُم} و {يُطَهِّرَكُم} ولو كان للنساء خاصة لقال (عنكن) و (يطهركن).
وجواب هذا الإشكال أن يقال:(إنّ من أساليب اللغة العربية التي نزل بها القرآن أنّ زوجة الرجل يطلق عليها اسم الأهل، وباعتبار لفظ الأهل تخاطب مخاطبة الجمع المذكر ومنه قوله تعالى في موسى {فَقَال لأهْلِهِ امْكُثُوا} وقوله {سآتِيكُمْ} وقوله {لَّعَلّي آتِيكُمْ} والمخاطب امرأته؛ كما قاله غير واحد، ونظيره من كلام العرب قول الشاعر:
فإن شئت حرمت النساء سواكم ... وإن شئت لم أطعم نقاخًا ولا برداً
ويُضاف إلى ذلك كون الخطاب في الآية الكريمة يماثل قول الله تعالى لسارة زوجة إبراهيم عليه السلام {قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْت} (١) فإنّ الله تعالى قال {عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْت} مع أنّ المخاطب هي سارة لكن لما كان المراد بالخطاب بيت إبراهيم عليه السلام فدخل في ذلك إبراهيم عليه السلام وزوجته فعُبّر عن ذلك بلفظ {عليكم} ولما كان الخطاب في آية التطهير موجهاً لنساء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذُكر في الخطاب الموجه لهن بيوتهن، فقال تعالى {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنّ} وجاءت