للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإشارة إلى إرادة الله تعالى تطهير هذه البيوت، ذُكر معهن رب البيت وسيده وهو محمد صلى الله عليه وآله وسلم فعُبّر عن ذلك بلفظ {عَنكُم} و {يُطَهِّرَكُم} وقد أجمع أهل اللسان العربي على تغليب الذكور على الإناث في الجموع ونحوها.

ولهذا لمّا كانت الآية نازلة في نساء النبي (أمهات المؤمنين) وفي إرادة تطهيرهن، جمع النبي عليه الصلاة والسلام أصحاب الكساء وهم من خواص أهل البيت، ليدعو لهم بأن ينالهم التطهير الذي نال أمهات المؤمنين قائلاً (اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً) طالباً من الله عز وجل أن ينالهم هذا الفضل، فحرصت أم سلمة بعد أن رأت رسول الله قد جمع علياً وفاطمة والحسن والحسين أن تكون معهم وتنال بركة دعاء النبي عليه الصلاة والسلام وكان ذلك قبل أن يدعو النبي عليه الصلاة والسلام وأن يقرأ الآية موضحاً سبب طلبه لهم، فقالت أم سلمة: (وأنا معهم يا رسول الله)، قال: (إنك على خير) إذ لا حاجة لأم سلمة في أن يدعو لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأن يُذهب الله عنها الرجس طالما أنّ الآية نزلت فيها وفي باقي نساء النبي عليه الصلاة والسلام وهذا من أبرز الدلائل على كون الآية نازلة فيهن لا في أصحاب الكساء الذين حرص النبي عليه الصلاة والسلام على الدعاء لهم، ولو كانت الآية نازلة فيهم لما جمعهم الرسول عليه الصلاة والسلام وقال فيهم ما قال.

يقول الإمام القرطبي: (فالآيات كلها من قوله {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِك} إلى قوله {إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً} منسوق بعضها على بعض فكيف صار في الوسط كلام منفصل لغيرهن؟! وإنما هذا شيء جرى في الأخبار أنّ النبي عليه السلام لما نزلت عليه هذه الآية دعا علياً وفاطمة والحسن والحسين، فعمد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى كساء فلفه عليهم ثم ألوى بيده إلى السماء فقال (اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم

<<  <   >  >>