يقول الحافظ ابن كثير في "تفسيره ٣/ ٦٣٦": (ولكن إذا كان أزواجه من أهل بيته فقرابته أحق بهذه التسمية كما تقدم في الحديث (وأهل بيتي أحق) وهذا يشبه ما ثبت في صحيح مسلم أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم فقال: (هو مسجدي هذا) فهذا من هذا القبيل، فإنّ الآية إنما نزلت في مسجد قباء كما ورد في الأحاديث الأخر، ولكن إذا كان ذاك أسس على التقوى من أول يوم فمسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى بتسميته بذلك والله أعلم).
ويقول تقي الدين ابن تيمية في "جامع المسائل": (وقد روى الإمام أحمد والترمذي وغيرهما عن أم سلمة أنّ هذه الآية لما نزلت أدار النبي صلى الله عليه وآله وسلم كساءه على علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) وسنته تُفسر كتاب الله وتبينه وتدل عليه وتُعبّر عنه، فلما قال:(هؤلاء أهل بيتي) مع أنّ سياق القرآن يدل على أنّ الخطاب مع أزواجه – علمنا أنّ أزواجه وإن كنّ من أهل بيته كما دل عليه القرآن، فهؤلاء أحق بأن يكونوا أهل بيته، لأنّ صلة النسب أقوى من صلة الصهر. والعرب تُطلق هذا البيان للاختصاص بالكمال لا للاختصاص بأصل الحكم، كقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(ليس المسكين بالطوّاف الذي ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، وإنما المسكين الذي لا يجد غني يُغنيه ولا يُتفطنّ له فيُتصدّق عليه، ولا يسأل الناس إلحافاً)(١).
(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند (حديث رقم ١٠٠٦٩) ونص الحديث كالتالي: (ليس المسكين بالطواف الذي ترده التمرة والتمرتان والأكلة والأكلتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يسأل الناس إلحافاً)، قال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.