للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيّن بذلك أنّ هذا مختص بكمال المسكنة، بخلاف الطوّاف فإنه لا تكمل فيه المسكنة لوجود من يُعطيه أحياناً، مع أنه مسكين أيضاً.

ويُقال: هذا هو العالم، وهذا هو العدو، وهذا هو المسلم، لمن كمُل فيه ذلك، وإن شاركه غيره في ذلك وكان دونه.

ونظير هذا الحديث ما رواه مسلم في صحيحه (١) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سُئل عن المسجد الذي أُسس على التقوى، فقال: (مسجدي هذا) يعني مسجد المدينة. مع أنّ سياق القرآن في قوله عن مسجد الضرار {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِين} (٢) يقتضي أنه مسجد قباء، فإنه قد تواتر أنه قال لأهل قباء: (ما هذا الطهور الذي أثنى الله عليكم به؟) فقالوا: لأننا نستنجي بالماء. لكن مسجده أحق بأن يكون مؤسساً على التقوى من مسجد قباء، وإن كان كلٌ منهما مؤسساً على التقوى، وهو أحق أن يقوم فيه من مسجد الضرار، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه (كان يأتي قباء كل سبت راكباً وماشياً) (٣). فكان يقوم في مسجده القيام الجامع يوم الجمعة ثم يقوم بقباء يوم السبت، وفي كل منهما قد قام في المسجد المؤسس على التقوى.


(١) في كتاب الحج – باب بيان المسجد الذي أسس على التقوى – حديث رقم (١٣٩٨) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٢) سورة التوبة آية ١٠٨
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة – باب (إتيان مسجد قُباء ماشياً وراكباً) – حديث رقم (١١٩٤) ومسلم في صحيحه - كتاب النكاح – باب (فضل مسجد قباء وفضل الصلاة فيه وزيارته) – حديث رقم (١٣٩٩).

<<  <   >  >>