ولمّا كان مقصود رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الشهادة لعلي بن أبي طالب بأنه يستحق الموالاة والنصرة ظاهراً وباطناً استخدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لفظ (مولى) في مكانه للدلالة على ذلك.
فلو كان ما ذكره صلى الله عليه وآله وسلم في غدير خم بلاغاً للناس كافة لذكره في حجة الوداع التي اجتمع فيها المسلمون كافة تقريباً، ولو أنه ذكره في حجة الوداع لكان من اللازم أن يصرّح بأنّ علياً هو الإمام من بعده بكل بوضوح، فليست تلك الكلمات صعبة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم كي يتفوه بها بدلاً من عبارة (من كنت مولاه فعلي مولاه).
ولعله مما يؤكد ذلك هو تتمة حديث الغدير وهي بحد ذاتها تفسير لما أُشكل في الحديث ففي تتمة الحديث قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه) فبيّن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذه العبارة أنّ المراد بالتولي هنا ولاء المحبة والنصرة.
خامساً: فهم صحابة رسول الله للنص:
فالصحابة لم يفهموا من حديث الغدير المعنى الذي يذهب إليه الشيعة الإثنا عشرية بل إنّ أقرب الناس إلى الإمام علي كأبي أيوب الأنصاري ومن معه من الأنصار قد فهموا أنّ المراد بالمولى أو الولي هو (الحب والولاء والطاعة) ولذلك عبّروا عن طاعتهم وإجلالهم لسيد أهل البيت علي بن أبي طالب بمناداته (يا مولانا).
فعن رياح الحارث قال: جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا: السلام عليك يا مولانا، فقال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول يوم غدير خم (من كنت مولاه فهذا مولاه)، قال رياح: فلما مضوا اتبعتهم فسألت من