فقد (سافر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المدينة قريباً من ثلاثين سفرة وهو يستخلف فيها من يستخلفه كما استخلف في غزوة الأبواء (سعد بن عبادة) واستخلف في غزوة بواط (سعد بن معاذ) ثم لما رجع وخرج في طلب كرز بن جابر الفهري استخلف (زيد بن حارثة). واستخلف في غزوة العشيرة (أبا سلمة بن عبد الأشهل) وفي غزوة بدر استخلف (ابن أم مكتوم) واستخلف (أبا لبابة) في غزوة بني قينقاع وغزوة السويق واستخلف (عثمان بن عفان) في غزوة غطفان التي يُقال لها غزوة أنمار، واستخلفه في غزوة ذات الرقاع، واستخلف (ابن رواحة) في غزوة بدر الموعد واستخلف (سباع بن عرفطة الغفاري) في غزوة دومة الجندل وفي غزوة خيبر، واستخلف (زيد بن حارثة) في غزوة المريسيع، واستخلف (أبا رهم) في عمرة القضية) (١).
أضف إلى ذلك أنّ استخلاف عليّ على المدينة لم يكن الأخير فقد استخلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المدينة في حجة الوداع غير عليّ، بينما نجد في المقابل أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمّر أبا بكر على الحج، واختصه أيضاً بإمامة الصلاة وحده، ولم يكن اختصاصه بسبب قرابة أو لأجل استرضائه، كما كان مع عليّ، بل اختصاص مطلق من أجل الفضيلة والاستحقاق فحسب.
رابعاً: ورد عند السنة والشيعة تشبيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما بنوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، فإن كان في تشبيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه بهارون عليه السلام ما يفيد المعنى الذي