فالمسألة لا تقف حينئذ عند أبي طالب بل تتعداه إلى جعفر ابنه أيضاً، فأين الإثنان من واقع حديث الدار؟!
٦ - تزعم الرواية الأولى أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي بعدما أحجم القوم عن مؤازرته (إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم) وليس من بعدي!
فأي وجه للدلالة على إمامة علي بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام؟
فإنه يصح أن يستخلف الرجل أحداً على قومه أو أهله وهو حي كما استخلف النبي أحد صحابته على المدينة عند ذهابه إلى مكة لأداء مناسك الحج، فالحديث يذكر (خليفتي فيكم) وليس (خليفتي من بعدي) والفرق واضح.
أما الرواية الثانية فتوضح بأنّ المراد الاستخلاف على أهله لا الناس جميعاً، وفي تفسير الحديث يقول الإمام ابن كثير:(ومعنى قوله في هذا الحديث من يقضي عني ديني ويكون خليفتي في أهلي يعني إذا مت، وكأنه صلى الله عليه وسلم خشي إذا قام بإبلاغ الرسالة إلى مشركي العرب أن يقتلوه فاستوثق من يقوم بعده بما يصلح أهله ويقضي عنه، وقد أمنه الله من ذلك في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس} الآية)(١).
ثم إنّ في الرواية ما نصه:(فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع)؟!