وإنما أراد بذلك المعنى الحرفي لتلك الكلمات، ولهذا أمر بلالاً كما في الروايتين أن يُعطي علياً رضي الله عنه الراية والدرع والمغفر والدواب وما أشبهها.
وكل هذا منصوص عليه في الروايتين.
كما أنّ الإمامة لو كانت من الله تعالى فهل يُعقل أن يعرضها النبي صلى الله عليه وآله وسلم على غير من نصّ الله تعالى عليه؟!
فيعرضها على العباس في حديث الدار مرة وقُبيل وفاته عليه الصلاة والسلام مرة أخرى!
هذا إذا أعرضنا عن رواية خطيرة جداً ذكرها الشيخ الرضي في "خصائص الأئمة ص٧٨" عن الإمام الحسن بن علي عليهما السلام قال: حدثني أمير المؤمنين عليه السلام قال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله، ودعا الناس في مرضه، فقال: من يقضي عني ديني وعداتي ويخلفني في أهلي وأمتي من بعدي؟ (١) فكف الناس عنه، وانتدبت له، فضمنت ذلك فدعا لي بناقته العضباء، وبفرسه المرتجز، وببغلته، وحماره، وسيفه، وذي الفقار، وبدرعه ذات الفضول، وجميع ما كان يحتاج إليه في الحرب) إلى آخر الرواية.
فهذه الرواية - رغم التحفظ على مضمونها – تثبت أنّ الخلافة والإمامة من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليست بالنص بدليل عرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم إياها على الناس إلى جانب قضاء دينه والاستخلاف على الأهل.
والإمام علي كما في الرواية يقول وبكل صراحة:(فكف الناس عنه، وانتدبت له، فضمنت ذلك)، ولسائل أن يسأل: لو أنّ العباس أو غيره من الصحابة انتدب وضمن ذلك، أيتصور حينها الشيعة الإثني عشرية أنّ الإمامة ستنتقل إليه؟
(١) زيادة (وأمتي من بعدي) منكرة، تخالفها كل الروايات الواردة في هذا الباب.