ولو سألت عاقلاً ما فضيلة الحجر الأسود لذكر لك من تلك الفضائل أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد وضعه بيديه الشريفتين، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم قد قبّله بفمه الطاهر، فيكفيه ذاك شرفاً.
وما قيمة الثوب الذي لبسه رسول الله أو النعل الذي انتعله؟ لقال لك يكفيهما شرفاً أن مسا جسد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فكيف بمن صحبه وجالسه وصلى خلفه وربما عانقه يوماً أو دافع عنه بنفسه وأهله وماله؟ هؤلاء عند المفيد وأمثاله بلا قيمة ولا شرف! بل صحبتهم لرسول الله وصحبة البهيمة للعاقل سواء!
إنّ فضيلة صحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم معلومة، لا يكاد يرتاب فيها وفي فضلها إلا من في قلبه مرض.
فمن الأدلة الصحيحة الصريحة على شرف هذه الصحبة ما رواه الإمام مسلم في صحيحه أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:(يأتي على الناس زمان، يغزو فئام من الناس فيُقال لهم: فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فيقولون: نعم، فيُفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس، فيُقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فيقولون: نعم، فيُفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس فيُقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فيقولون: نعم، فيُفتح لهم)(١).
وقد ذكر الشيخ الطوسي في "الأمالي" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علياً بما يلقى بعده فبكى (ع)، وقال: يا رسول الله
(١) رواه مسلم-كتاب فضائل الصحابة- باب (فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ...) - حديث رقم (٢٥٣٢).