للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبسبب ما تضمنته هذه الآيات والأحاديث وغيرها من الثناء على صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مطلقاً، تظافرت الروايات عن أئمة أهل البيت في الثناء على الصحابة بما هم أهل له.

فهذا الإمام علي بن أبي طالب يذكر الصحابة فيثني عليهم قائلاً: «لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم فما أرى أحدًا يشبههم منكم، لقد كانوا يصبحون شعثًا غبراً وقد باتوا سجدًا وقيامًا، يراوحون بين جباههم، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم كأنّ بين أعينهم ركب المعزى (١) من طول سجودهم، إذا ذُكِر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف، خوفًا من العقاب ورجاء للثواب» (٢).

وهذا هو حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن العباس رضي الله عنه يقول عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ الله – جل ثناؤه وتقدست أسماؤه – خصّ نبيه محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بصحابة آثروه على الأنفس والأموال، وبذلوا النفوس دونه في كل حال، ووصفهم الله في كتابه فقال {رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (٣) قاموا بمعالم الدين وناصحوا


(١) جمع ركبة موصل الساق من الرجل بالفخذ. وإنما خص ركب المعزى ليبوستها واضطرابها من كثرة الحركة، أي أنهم لطول سجودهم يطول سهودهم، وكأنّ بين أعينهم جسم خشن يدور فيها فيمنعهم عن النوم والاستراحة.
(٢) نهج البلاغة ص١٨٩ - خطبة رقم (٩٧).
(٣) سورة الفتح آية ٢٩

<<  <   >  >>