للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقول: وبالمثال تتجلى الصورة، فلو أنك قلت (كل أهل السودان طيبون) فلا يعني قولك هذا أنك إن مررت في حياتك بسوداني شرير أو خبيث أنّ ذلك يعني انتقاض القاعدة في أهل السودان جميعاً، فلكل قاعدة استثناءات ولا عيب في هذا إلا عند المتشددين من الناس.

وكذلك الحال فيما لو قال رجل بأنّ (كل أهل الجزائر كرماء)، فوجدت بخيلين أو ثلاثة قد خرجوا عن القاعدة لأسباب خاصة، فلا يعني ذلك نقض القاعدة في أهل الجزائر جميعاً!

ومشكلة متعصبة أهل السنة أنهم يتصورون أنّ خروج أحد من الصحابة عن قاعدة العدالة لنص شرعي ورد فيه قد يؤثر على مبدأ العدالة، فيتعصبون جهلاً لمفهوم العدالة فيردون النص الشرعي أو ربما يقبلونه ولكنهم يعطّلون معناه، فلا يخرجون ذاك الصحابي من العدالة رغم تبشير الرسول صلى الله عليه وآله وسلم له بالنار أو حكمه عليه بالفسق! (١)

وهؤلاء يحسبون أنهم يحسنون صنعاً بصنيعهم هذا، ولا يدركون أي جُرم ارتكبوا في حق أصحاب رسول الله وفي حق الناس.

فبسبب تعصبهم وتجاهلهم للحقائق الجلية وجد الطاعنون في الصحابة سبيلاً للطعن وفي استغلال ما ورد في الظالمين والفاسقين لصبه في محيط حسنات الصالحين والصالحات!


(١) إنّ عدالة الصحابة معلومة وثابتة في الكتاب والسنة، لا يماري في ذلك إلا جاهل لحقهم أو مبغضٍ لهم، لكنه ينبغي أن يُعلم أنّ من ثبت في حقه منهم دليل صحيح صريح لا يحتمل التأويل ولا إحسان الظن لثبوت انتفاء جهل الصحابي لحرمة الفعل الذي ارتكبه أو تأوله فيه أو توبته منه أو تطهره منه بحد فإنه يُحكم بخروجه من العدالة لا سيما إذا ورد في حقه نص لا يحتمل سوى الجزم بذلك كما في حادثة كركرة والرجل الذي قتل نفسه كما سيأتي.
أما الظنون والترجيحات أو الروايات الضعيفة والمكذوبة فلا عبرة بها ولا يصح أن ننفي بها عدالة مسلم فضلاً عن أن ننفي بها عدالة من أثنى الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم عليهم!

<<  <   >  >>