للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأهل السنة والجماعة وسط بين طرفي الغلو، لا يرتضون الطعن في صحابة رسول الله ولا أمهات المؤمنين ولكنهم مع ذلك يدينون الله تعالى بما صح وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حق أشخاص أساءوا الصحبة.

ولنأت بمثالين حيين لما نذكره:

- كِرْكِرَة:

روى البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: كان على ثقل (١) النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلٌ يقال له كِرْكِرَةُ، فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (هو في النار)، فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلّها (٢) (٣).

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري": (وقوله "هو في النار" أي يعذب على معصيته أو المراد هو في النار إن لم يعف الله عنه) (٤).

وقال الحافظ بدر الدين العيني في "عمدة القاري" قوله: (هو في النار)، قال ابن التين عن الداودي: يُحتمل أن يكون هذا جزاؤه إلا أن يعفو الله، ويحتمل أن يصيبه في القبر، ثم ينجو من جهنم، ويحتمل أن يكون وجبت له النار من نفاق كان يسره أو بذنب مات عليه مع غلوله أو بما غل، فإن مات مسلماً فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (يخرج من النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان)) (٥).


(١) الثَقَل (بفتح الثاء والقاف) هو ما يثقل حمله من الأمتعة.
(٢) الغلول هو ما أخذه من الغنيمة بغير وجه حق.
(٣) صحيح البخاري- كتاب الجهاد والسير- باب (القليل من الغلول) - حديث رقم (٣٠٧٤).
(٤) فتح الباري ٦/ ١٨٨
(٥) عمدة القاري ١٥/ ٨

<<  <   >  >>