فكثرة عدد الأحاديث التي تُنسب لأبي هريرة منشأها المكررات هذا بخلاف الروايات الضعيفة التي لا تصح نسبتها إلى أبي هريرة كما هو معلوم. وزيادة على هذا أقول: ليس من المستحيل لرجل تفرغ لصحبة رسول الله ونال بركة دعاء النبي عليه الصلاة والسلام أن يحفظ هذا العدد خصوصاً وأنّ الأحاديث عبارة عن جُمل قصيرة يسهل حفظها لمن وفقه الله تعالى لذلك، بل إنّ المتتبع لروايات أبي هريرة رضي الله عنه في الكتب التسعة (الصحيحين وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وموطأ مالك ومسند أحمد والدارمي) يجد أنّ كثيراً من الصحابة اشتركوا مع أبي هريرة في كل مروياته تقريباً، فلم ينفرد عنهم فيما روته عنه الكتب التسعة (البخاري ومسلم في صحيحيهما والترمذي في جامعه والنسائي وابن ماجة وأبو داود في سننهم وأحمد في المسند ومالك في الموطأ والدارمي في سننه) إلا برواية ثمانية أحاديث فقط! ألا يكفي هذا بياناً لصدقه؟ والغريب في الشيعة أنه يعدّون كثرة الرواية دليل على وثاقة الراوي فينسبون للإمام الصادق قوله: (اعرفوا منازل الرجال على قدر رواياتهم عنا) ويعدّون لأجل ذلك زرارة والجعفي وأمثالهما من الكذابين المكثرين ثقات فلا يستنكرون رواية الجعفي لسبعين ألف حديثاً عن الإمام الباقر كما صرّح بذلك الحر العاملي في (وسائل الشيعة ٣٠/ ٣٢٩)، ولا يستنكرون رواية زرارة لألفين وأربعة وتسعين رواية عن الإمامين الباقر والصادق كما صرّح بذلك الخوئي في معجم رجال الحديث (٨/ ٢٥٤ تحت عنوان (طبقته في الحديث)) لكنهم يستأسدون على أبي هريرة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!