للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما أهل الإنصاف فسيجعلون لكل شيء قدره دون إفراط ولا تفريط فيقولون (كركرة) نموذج لصحابة خرجوا من عدالة السيرة لدليل شرعي ولفسق ظاهر لا تأويل فيه ولذلك استحق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

- الرجل الذي قتل نفسه:

روى مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (أُتيَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم برجل قتل نفسه بِمَشَاقِصَ (١)، فلم يُصلِ عليه) (٢).

والانتحار كبيرة من كبائر الذنوب، وقد مات هذا الرجل على هذه الكبيرة، ولذلك لم يُصلِ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليه، ونحن وإن كنا لا نجزم له بجنة أو بنار على اعتبار أنّ مرد علم ذلك إلى الله تعالى، فقد يغفر له وقد يعاقبه على ذنبه إلا أننا نملك الجزم بأنه مات في الدنيا على غير العدالة.

فالصحابة في مجموعهم عدول لكنّ ذلك لا يعني عدم خروج آحادهم من العدالة لدليل شرعي أو فسق ظاهر لا تأويل فيه (٣).


(١) سهام عراض، واحدها مشقص.
(٢) صحيح مسلم - كتاب الجنائز - باب (ترك الصلاة على القاتل نفسه) - حديث رقم (٩٧٨).
(٣) إنّ انتفاء عدالة السيرة عن صحابي لفعله كبيرة من كبائر الذنوب أو إصراره على صغيرة لا يعني انتفاء عدالة الرواية، لأنّ إجلال الصحابة لرسول الله ومعرفتهم لعظم جريمة الكذب على رسول الله مما يعرفه كل عاقل فمن ادّعى غير ذلك فعليه أن يأتي بالدليل، ولن يجد دليلاً واحداً على صحابي واحد أنه كذب على رسول الله، وغاية ما يثيره أهل الأهواء هو الطعن في أبي هريرة بشتى الطرق، وقد أفادنا الأستاذ عبد الله الناصر في كتابه (البرهان في تبرئة أبي هريرة من البهتان) بما يدحض كل الشبهات المثارة على أبي هريرة.
فأكد أنه ما من حديث رواه أبو هريرة إلا وقد رواه الشيعة عن الإمامين الباقر والصادق على وجه الخصوص بنفس الألفاظ أو مع اختلاف بسيط في اللفظ أو بما يطابق المعنى! ... =

<<  <   >  >>