وأما القسم الثاني من الخوف: الذي هو الجبن، فهو الذي يحول بين المسلم وبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله. وهذا مذموم شرعًا، وقد ثبت في الأحاديث النبوية أنه صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بالله من الجبن، وهذا القسم من الخوف ناتج عن ضعف الإيمان وقلة اليقين.
وأما القسم الأول: فهو الذي لا يجوز صرفه لغير الله تعالى، إذ ليس هناك من يصيب من يشاء بما يشاء بقدرته غير الله تعالى، فمن اعتقد أن النبي أو الولي أو شيخه أو مقبوره أو من يقدسه ـ سواء كان حياً أو ميتًا ـ يملك البطش به متى أراد بقدرته فقد خصه بأعظم لوازم الألوهية؛ لأن هذا القسم من الخوف قد أمر الله تعالى عباده أن يخافوه به، بل أن يختصوه به ويخلصوه له، ومعلوم أن الله تعالى لا يأمر عباده بأمر ويحثهم عليه إلا إذا كان عبادة من العبادات، وما كان عبادة يكون صرفها لغير الله شركًا. قال تعالى في الأمر بهذا الخوف:(إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)، وقال:(وَإِيَّايَ فَارْهَبُون)، وقال:(فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ)، وقال:(وَقَالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ).
وقال تعالى في ثنائه على عباده الصالحين من الأنبياء والملائكة والمؤمنين لتحقيقهم هذا الخوف لله وحده:(يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)، وقال تعالى:(وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ)، وقال