للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه سداد تلك الثغرات المالية، فإنه يكون قد وضع الشيء في محله ولم يرتكب أمرًا يستنكر في الشرع، بل حكم هذا كحكم الخوف الطبيعي.

أما الرجاء السري الباطني الذي يتحكم في تصرفات الإنسان فيتصرف على نحو غير مفهوم لا في الشرع ولا في العقل فهو رجاء العبادة. فلو اعتراه حاجة من الحاجات الدنيوية كالحاجة إلى الصحة أو المال أو الولد أو النجاة من عدو أو خطر داهم، أو الحاجات الأخروية كالتثبيت عند المسألة أو الشفاعة في الخروج من المأزق أو في دخول الجنة والنجاة من النار، فلو توجه بشيء من ذلك إلى مخلوق يطلبه منه ـ وإن كان ملكًا مقربًا أو نبيًا مرسلاً أو رجلاً صالحاً حياً أو ميتًا ـ فإنه يكون قد اتخذه بذلك إلهًا، وجعله لله ندًا بصرفه هذه العبادة له.

فعلى المسلم الناصح لنفسه أن يقوي رجاءه في الله، ويعتقد أن كل ما يرجوه الإنسان في حياته الدنيا والأخرى إنما هو بيد الله ولا يمكن أن يتحقق إلا بإذنه تعالى وقضائه وقدره. والولي أو الرجل الصالح مهما علا مقامه عند الناس فهو عبد ذليل لله، لم يصل إلى مقامه في الولاية ـ إن صحت ولايته لله ـ إلا بتحقيقه للعبودية الصادقة لله وبعده عن الإشراك به، وهو في حاجة دائمة مستمرة إلى الله مولاه، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ). فكل مخلوق محتاج إلى الله في كل شيء، والله لا يحتاج إلى أحد في شيء. والمخلوق لا يملك للمخلوق شيئًا من النفع والضر إلا بإذن الله.

نماذج من الشرك بالرجاء:

لقد وجد هذا النوع من الشرك لدى المتصوفة؛ وذلك أنهم خرقوا كل هذه الأسس العقدية فتوجهوا بالرجاء الباطن إلى الأموات المقبورين والأحياء

<<  <  ج: ص:  >  >>