يكون الدعاء نوعًا من أنواع العبادة، وفردًا من أفرادها، وجزئيًا من جزئياتها، فيكون دعاء غير الله شركًا في العبادة، بل أمًّا للشرك؛ لأن العبادة أمر كلي شامل لعدة من الجزئيات التي تندرج تحتها، ومن تلك الجزئيات (دعاء المسألة)، فيكون دعاء المسألة خاصًا وأخص من (العبادة)، التي هي أمر عام وأعم، فتكون النسبة بينهما عموم وخصوص مطلقاً، بأن يكون الدعاء أخص مطلقاً، والعبادة أعم مطلقاً، وأن كل دعاء عبادة ولا عكس.
فنوعا الدعاء متلازمان، لا ينفك أحدهما عن الآخر، فحيث ما ذكر أحدهما دخل معه الآخر إما تضمنا وإما التزاماً. وبهذا التقرير يندفع ما يردده بعض المخالفين من أن الآيات الواردة في التحذير من دعاء غير الله ـ تعالى ـ المراد بها العبادة فقط، وليس المراد بها السؤال والطلب فلا يدخل فيها طلب الشفاعة من الأموات والتوسل بهم بل ولا دعاؤهم والاستغاثة بهم والهتاف باسمهم من مسافات بعيدة، هكذا زعموا، وأولوا كل الآيات التي فيها التحذير من دعاء غير الله ـ تعالى ـ بالعبادة، ولم يقتصروا على هذا فقط، بل ضيقوا معنى العبادة حيث زعموا أن مفهومها لا يشمل إلا السجود والركوع ونحو ذلك، بل زيادة على ذلك بعضهم زادوا على ذلك أن يكون الركوع والسجود على اعتقاد الربوبية في المسجود والمركوع له، وأما الدعاء، والاستغاثة والنذر، والذبح، وما إلى ذلك فليست داخلة في العبادة. وقد ذكرنا مناقشة بعض هذه الأقوال فيما قبل. وسيأتي مناقشة بعض هذه الأقوال فيما بعد.
فعلمنا بذلك: أن الدعاء عبادة، وسأسوق جملة من النصوص المتضمنة