للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نمرود بن كوش ـ وهو أحد العبيد الضعفاء ـ، قال تعالى في حكاية مناظرة خليله مع هذا الملك الجبار المتمرد الذي ادعى لنفسه الربوبية: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٢٥٨)}.

وأيضاً: كان من شركهم في الربوبية: اعتقاد تأثير بعض الأشياء بخفاء مما لا يعلم له سبب ظاهر، فإن هذا النوع من الشرك إنما حدث أول مرة في الكلدانيين ـ الذي كانوا يعتقدون تأثير الكواكب في السفليات ـ كما سيأتي:

وأما أصل شركهم فكان بعبادة الكواكب والشمس والقمر، وكان في بابل مع هذا: عبادة الأصنام، فكانوا يعبدون الحجارة الصماء والثماثيل البكماء، وكان أهل حران يعبدون الكواكب السبعة في عهده عليه السلام، فدعا أهل بابل إلى عبادة الله وحده، ثم انتقل إلى حران.

قال ابن كثير: (ثم ارتحل إبراهيم وأهله قاصدين إلى أرض الكنعانيين وهي بلاد بيت المقدس، فأقاموا بحران، وكانوا يعبدون الكواكب السبعة، والذين عمروا مدينة دمشق كانوا على هذا الدين؛ يستقبلون القطب الشمالي، ويعبدون الكواكب السبعة بأنواع من الفعال والمقال، ولهذا كان على كل باب من أبواب دمشق القديمة هيكل لكوكب منها، ويعملون له أعيادًا وقرابين، ولهذا كان أهل حران يعبدون الكواكب والأصنام. وكل من كان على وجه

<<  <  ج: ص:  >  >>