للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه العوالم، ومنهم من اعتقد أنها مخلوقة للإله الأكبر، ولكنها خالقة لهذا العالم، فالأولون اعتقدوا أنها هي الوسائط بين الله تعالى وبين البشر، فلا جرم اشتغلوا بعبادتها والخضوع لها، ثم لما رأوا الكواكب مستترة في أكثر الأوقات عن الأبصار اتخذوا لها أصنامًا وأقبلوا على عبادتها قاصدين بتلك العبادات تلك الأجرام العلوية ومتقربين إلى أشباحها الغائبة، ثم لما طالت المدة ألغوا ذكر الكواكب، وتجردوا لعبادة تلك التماثيل، فهؤلاء في الحقيقة عبدة الكواكب).

وذكر الله تعالى مناظرة إبراهيم عليه السلام لقومه من عباد الكواكب، وبيَّن إبراهيم عليه السلام لهم أن هذه الأجرام السماوية المشاهدة لا تصلح للألوهية ولا أن تعبد مع الله عز وجل؛ لأنها مخلوقة مدبَّرة تطلع تارة وتأفل أخرى، فتغيب عن هذا العالم، والرب تعالى لا يغيب عنه شيء، ولا تخفى عنه خافية، قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (٣٧).

وقد كانت مواقف إبراهيم عليه السلام مع قومه متعددة، فتارة يحاج والده، وتارة يحاج الجمهور، وتارة يحاج الملك، وتارة يفعل ما يستفزهم به إلى محاجته، كتكسير الأصنام ليكلموه في شأنها، إلى أن أوقدوا النار لتحريقه، فنجاته منها بعد أن ألقي فيها، فهجرته.

فإنه بعد أن جهد الجهد كله في سبيل هداية قومه، وبعد أن حاول أن

<<  <  ج: ص:  >  >>