قوة مدبرة لهذا العالم تصدر أوامرها إلى الملأ الأعلى. فنصبوا لها الأصنام على صورها، وأقاموا لها الهياكل وعكفوا على عبادتها.
قال ابن القيم:(والمشركون منهم يعظمون الكواكب السبعة، والبروج الاثني عشرة، ويصورونها في هياكلهم، ولتلك الكواكب عندهم هياكل مخصوصة، وهي المتعبدات الكبار، كالكنائس للنصارى والبيع لليهود، فلهم هيكل كبير للشمس، وهيكل للقمر، وهيكل للزهرة، وهيكل للمشتري، وهيكل للمريخ، وهيكل لعطارد، وهيكل لزحل، وهيكل للعلة الأولى. ولهذه الكواكب عندهم عبادات ودعوات مخصوصة، ويصورونها في تلك الهياكل، ويتخذون لها أصنامًا تخصها، ويقربون لها القرابين، ولها صلوات خمس في اليوم والليلة نحو صلوات المسلمين).
وقالوا: لا سبيل لنا إلى الوصول إلى جلاله إلا بالوسائط، فالواجب علينا أن نتقرب إليه بتوسطات الروحانيات القريبة منه، وهم الروحانيون المقربون المقدسون عن المواد الجسمانية، وعن القوى الجسدانية، بل قد جبلوا على الطهارة، فنحن نتقرب إليهم، ونتقرب بهم إليه، فهم أربابنا وآلهتنا وشفعاؤنا عند رب الأرباب وإله الآلهة، فما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فالواجب علينا أن نطهر نفوسنا عن الشهوات الطبيعية، ونهذب أخلاقنا عن علائق القوى الغضبية؛ حتى تحصل المناسبة بيننا وبين الرواحنيات، وتتصل أرواحنا بهم، فحينئذ نسأل حاجتنا منهم، ونعرض أحوالنا عليهم، ونصبوا في جميع أمورنا إليهم، فيشفعون لنا إلى إلهنا، وإلههم.