وكذلك النوع الثاني ـ وهو قولهم:(لا شبيه له في صفاته)، فإنه ليس من الأمم من أثبت قديمًا مماثلاً له في ذاته سواء قال: إنه يشاركه، أو قال: إنه لا فعل له؛ بل من شبه به شيئًا من مخلوقاته فإنما يشبهه في بعض الأمور، وقد علم بالعقل امتناع أن يكون له مثل في المخلوقات يشاركه فيما يجب أو يجوز أو يمتنع عليه، فإن ذلك يستلزم الجمع الجمع بين النقيضين ... وعلم أيضًا بالعقل أن كل موجودين قائمين بأنفسهما فلابد أن يكون بينهما قدر مشترك كاتفاقهم في مسمى الوجود، والقيام بالنفس، والذات، ونحو ذلك، فإن نفي ذلك يقتضي التعطيل المحض، وأنه لابد من إثبات خصائص الربوبية.
وكذلك النوع الثالث وهو قولهم:(وهو واحد في ذاته لا قسيم له) أو لا جزء له، أو لا بعض له؛ لفظ مجمل، فإن الله سبحانه أحد صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، فيمتنع عليه أن يتفرق ويتجزأ، أو يكون قد ركب من أجزاء؛ لكنهم يدرجون في هذا اللفظ نفي علوه على عرشه، ومباينته لخلقه، وامتيازه عنهم، ونحو ذلك من المعاني المستلزمة لنفيه وتعطيله، ويجعلون ذلك من التوحيد.
فقد تبين أن ما يسمونه توحيدًا: فيه ما هو حق، وفيه ما هو باطل، ولو كان جميعه حقاً؛ فإن المشركين إذا أقروا بذلك لم يخرجوا من الشرك الذي وصفهم به القرآن، وقاتلهم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ بل لابد أن يعترفوا أنه لا إله إلا الله). فهذا قول الأشاعرة.
* أما الماتريدية: فلهم تعريفات على نمط الأشاعرة منها: