فالمتأمل في مناهج المتكلمين عمومًا يجد: أن التوحيد عندهم اعتقادي فقط، وأن الشرك في الإرادة إذا لم يتضمن الشرك في الاعتقاد لا يكون شركًا عندهم، فاتخاذ الوسائط بالسؤال والطلب عندهم ليس شركًا بمجرد طلب غير الله ما لا يقدر عليه إلا الله ـ مثلاً ـ بل لابد أن يتضمن ذلك اعتقاد استقلالية المطلوب وقدرته على الاختراع الذي هو حقيقة الألوهية عندهم، وصرف شيء من أنواع العبادة لغير الله ليس شركًا لذاته عندهم إلا إذا تضمن اعتقاد استحقاق العبادة لمن صرفت له.
أما ما جاء من إطلاق الشرك فيما يتعلق بشرك الطلب والعبادة والتقرب فلهم فيه تخريجان:
الأول: أن ذلك مقيد بشرك الاعتقاد لا بمجرد الإرادة والعمل.
الثاني: أن ذلك شرك ولكنه شرك أصغر، فهو من المعاصي.
يقول أحدهم في ذلك:(اجتمعت الأمة على أن الذبح والنذر لغير الله حرام، ومن فعلها فهو عاص لله ورسوله، والذي منع العلماء من تكفيرهم أنهم لم يفعلوا ذلك باعتقاد أنها أنداد لله).
ويقول الآخر: (من أين لكم: أن المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله إذا دعا غائبًا أو ميتًا أو نذر له، أو ذبح لغير الله أن هذا هو الشرك الأكبر الذي من فعله حبط عمله وحل ماله ودمه؟ ولم يقل أهل العلم: