ومنهم من يقول: إن المسيح من الأب بمنزلة شعلة نار توقدت من شعلة نار، فلم تنقص الأولى لإيقاد الثانية منها.
وهذه التشبيهات ليس فيها ما يمكن أن يكون مطابقًا لدعوى النصارى في التثليث؛ لأن جميع هذه الأشياء إما أن تكون ذاتًا واحدة لها أجزاء وأبعاض، أو صفات وآثار، بخلاف دعواهم في التثليث؛ فإنهم يقولون: هم ثلاثة حقيقيون ذوو أعمال مختلفة متباينة، وهم في نفس الوقت واحد حقيقي، بخلاف تشبيههم له بالإنسان المكون من دم وروح وجسد، فهذه مكونات الجسم ولا يستقل واحد منها بذاته، كما أن الدم ليس الروح، والروح ليس الجسد، والجسد ليس هو الروح والدم، بخلاف دعوى التثليث، الذي يزعمون فيه أن كل واحد من الثلاثة هو الآخرين، ولهذا صرح كثير منهم بعدم معقولية التثليث. و (أنها قضية لا يفهمها العقل ولا يقبلها).
والمقصود: أنهم وقعوا في الشرك بقولهم التثليث، وهو شرك في الربوبية؛ حيث جعلوا الرب مركبًا من هذه الأشياء، وحيث تنقصوا الخالق سبحانه وسبوه ورموه بالعظائم، وحيث زعموا أنه ـ سبحانه وتعالى عن قولهم علوًا كبيرًا ـ نزل من العرش عن كرسي عظمته، ودخل في فرج امرأة، وأقام هناك تسعة أشهر يتخبط بين البول والدم والنجو، وقد علته أطباق المشيمة والرحم والبطن، ثم خرج من حيث دخل، رضيعًا صغيرًا يمص الثدي، ولف في القمط، وأودع السرير يبكي ويجوع ويعطش ويبول ويتغوط ويحمل على