((ومبتغ في الإسلام سنة جاهلية))، فإن المراد به كل جاهلية مطلقة كانت أو مقيدة، وسواء كانت يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو صابئة أو وثنية أو شركية، من ذلك، أو بعضه، أو منتزعة من بعض هذه الملل الجاهلية، فإنها جميعها: مبتدعها ومنسوخها صارت جاهلية بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم، وإن كانت لفظة الجاهلية لا تقال غالبًا إلا على حال العرب التي كانوا عليها قبل الإسلام. فإن المعنى واحد.
ولكن هذه الجاهلية الخاصة نوعان:
أ- الجاهلية المطلقة: وهي التي قد تكون في مصر دون مصر، كما هي في دار الكفار، وقد تكون في شخص دون شخص، كالرجل قبل أن يسلم؛ فإنه يكون في جاهلية وإن كان في دار الإسلام.
فأما في زمان مطلق: فلا جاهلية بعد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم (على هذا الوجه)؛ فإنه لا تزال من أمته طائفة ظاهرين على الحق إلى قيام الساعة.
ب- الجاهلية المقيدة: وهي التي قد تقوم في بعض ديار المسلمين، وفي كثير من المسلمين، وهي المقصودة من قول النبي صلى الله عليه وسلم:((أربع في أمتي من أمر الجاهلية))، وقوله لآخر:((إنك امرؤ فيك جاهلية))، ونحو ذلك ولعل جاهلية القرن العشرين ـ كما يسمون ـ أيضًا من هذا النوع، مع توسعها، وتوغلها في أعماق هذه الأمة، والله أعلم.