للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسمى الجواهر، وتولد الأعراض والصفات، بل ولا يكون تولد الأعيان إلا بانفصال جزء من الوالد، فإذا امتنع أن يكون له صاحبة امتنع أن يكون له ولد، وقد علموا كلهم أن لا صاحبة له من الملائكة، ولا من الجن، ولا من الإنس، ولم يقل أحد منهم أن له صاحبة، فلهذا احتج بذلك عليهم، وما حكي عن بعض كفار العرب أنه صاهر الجن، فهذا فيه نظر، وذلك إن كان قد قيل، فهو مما يعلم انتفاؤه من وجوه كثيرة).

فإن كانت هذه الروايات ثابتة يكون إثباتهم مثل هذه المصاهرة من الشرك بالله في الربوبية بإثبات صفات المخلوق الناقصة لله جل وعلا.

والمقصود: بيان كون العرب ـ بعضهم على فرض ثبوت الروايات في ذلك ـ قد أشركوا بالله في بعض صفاته من حيث إثبات صفات المخلوق الناقصة لله جل شأنه الكامل، وهو إلحاد وتنقيص وشرك، وقد سبق معنا إثبات كونه شركًا فيما سبق.

فهذه بعض مظاهر الشرك بالله جل وعلا في بعض خصائص الربوبية التي كانت لدى العرب في جاهليتهم، ولكن ـ كما أسلفنا ـ أن هذه المظاهر ما كانت بصفة عامة لدى جميع العرب، بل العرب كان أغلبهم شركهم في الجاهلية في العبادة والألوهية وفي المعاملة ـ سواء كانت هذه العبادات من الأقوال القلبية أو كانت من الأعمال القلبية ـ على أنها تقربهم إلى الله زلفى، وعلى أنها تشفع لهم إلى الله يوم القيامة، أو تشفع لهم في قضاء حوائجهم أو في جلب نفع أو دفع ضر، وهي الصفة الغالبة لديهم في الجاهلية كما تدل عليها الآيات القرآنية ـ كما سيأتي ـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>