للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - دليل الإلزام العقلي بين الوجود والعدم:

قال تعالى: (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: (وقد قيل: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ): من غير رب خلقهم، وقيل: من غير مادة، وقيل: من غير عاقبة وجزاء، والأول مراد قطعًا، فإن كل ما خلق من مادة أو لغاية فلابدّ له من خالق. ومعرفة الفطر أن المحدَث لابد له من محدِث أظهر فيها من أن كل محدَث لابدّ له من مادة خلق منها وغاية خلق لها، فإن كثيرًا من العقلاء نازع في هذا وهذا، ولم ينازع في الأول. طائفة قالت: إن هذا العالم حدث من غير محدث أحدثه؛ بل من الطوائف من قال: إنه قديم بنفسه واجب بنفسه ليس له صانع، وأمّا أن يقول: إنه محدث حدث بنفسه بلا صانع، فهذا لا يعرف عن طائفة معروفة، وإنما يحكى عمّا لا يعرف).

وقال في موضع آخر: (قوله: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) فيها قولان: فالأكثرون على أن المراد: أم خلقوا من غير خالق بل من العدم المحض؟ كما قال تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ)، وكما قال تعالى: (وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ). وقال: (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ). وقيل: أم خلقوا من غير مادة، وهذا ضعيف، لقوله بعد ذلك: (أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) فدل ذلك على أن التقسيم

<<  <  ج: ص:  >  >>