للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإلهية عنه له تجريده، وسلب الأسماء والصفات عنه له تنزيهه. لأن الإثبات الحقيقي لهذه الصفات والأسماء على الله يعني شركة بينه وبين سائر الموجودات.

واستنادًا: إلى ما سبق، فإن معرفة الله عندهم تقوم على اعتبارين:

الأول: تجريد الله وتنزيهه عن أسمائه وصفاته.

والثاني: أن توحيده يعني معرفة حدوده.

وأمّا قولهم: (إنما أبدع الله تعالى الكاف) واخترع (النون)، فهذه نظرية الإبداع التي تقول بها الإسماعيلية، وهي تتفق مع الفلسفة الأفلوطونية الحديثة، وبالذات مع نظرية الفيض عند أفلوطين، مع أن بعض كتّاب الإسماعيلية، يحلو لهم أن يبدلوا كلمة الفيض بكلمة الإبداع، بتعليلات فلسفية لا تغير في جوهر المعنى شيئًا.

والإسماعيلية بعد أن تجرد الله عز وجل من جميع أسمائه وصفاته تحولها إلى أول مبدع أبدعه الله تعالى ـ وهو كما يزعمون ـ (العقل الأول)، ويقولون: إذا كان الله عريًا عن كل صفةٍ، فإن صفات الكمال موجودة في أول مبدع أبدعه، فهو ـ أي المبدع ـ الحق والحقيقة، وهو الوجود الأول، وهو الوحدة، وهو الواحد، وهو الأزل وهو الأزلي، وهو العقل الأول، وهو الحياة، وهو الحيّ الأول.

فالواحد ـ كما يزعمون ـ أبدع بأمر من مشيئته أول سابق، فهو إذن: العقل

<<  <  ج: ص:  >  >>