٦٠ - وقال:(إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ)؛ أي نصر الله رسوله عند نزوله ببدر وفي العدوة الدنيا عند نزول الكفار في العدوة القصوى، حيث خرج من المدينة مع أصحابه الثلاث مائة وثلاث عشرة مجاهدًا، ولم يكن في المدينة بعد خروجه كما لم يكن في البدر قبل خروجه، إليها.
٦١ - وقال:(لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا). فكان في الحديبية في العام السادس بعد الهجرة، حيث لم يكن في المدينة، وكما لم يكن في مكة ولم يكن في الحديبية موجودًا قبله، ولم يبق فيها بعد رجوعه إلى المدينة. وقال:(لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ)، وغير ذلك من الآيات الكثيرة، والوقائع اليومية التي كانت تحدث في حياته صلى الله عليه وسلم؛ من وجوده في الحجرة الشريفة، وانتظار الصحابة إياه في المسجد، وخروجه من البيت، ووجوده في المسجد، وعدم وجوده في المسجد عند وجوده في السوق، وغير ذلك من الحوادث الظاهرة والأمور الجلية التي لا خفاء فيها إلا لمن أعمى الله قلبه مع عمى بصره، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور، فكيف يقول هؤلاء المتصوفة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخلو منه مكان بل كل شيء أمام عينيه، وأنه يعلم جميع أحوال الموجودات والمخلوقات ولا تخفى عليه خافية؟