للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يُعتبَرُ شرعاً إلا إذا استَنَدَ إلى النَّقلِ» (١)، وذلك كدليلِ اللغةِ في المنقولاتِ؛ فإنَّ نَقلَ المعنى عن العَرَبِ كافٍ في الدَّلالَةِ على ثبوتِه وصِحَّتِه حين لا يكون له معنىً آخرَ في كلامِهم، لكنَّ اختيارَ أحدِ المعاني المحتملَةِ المنقولَةِ عن العرَبِ، وإثباتِه معنىً للآيةِ = مَرَدُّه إلى النَّظَرِ والاجتهادِ.

ومثلُهُ دليلُ النَّظائِرِ في المعقولاتِ؛ فإنَّ الرَّبطَ بين المعنى ونظيرِه قائِمٌ على اجتهادِ المُفَسِّر ونَظَرِه، مع أنَّ النَّظيرَ المَقيسَ عليه ثابتٌ مِنْ جِهةِ النَّقلِ والسَّماعِ.

غيرَ أنَّ ذلك الاشتراك بين النَّقلِ والعَقلِ في بعضِ الأدلَّة لا أثرَ له في صِحَّةِ الاستدلالِ بالدَّليلِ مِنْ عدمِه، أو تَقديمِه وتأخيرِه، أو قوَّتِه وضَعفِه؛ وإنَّما قُصِدَ به بيانُ أصلِ الدَّليلِ ومَورِدِه؛ لتحقيقِ قواعِده، ومنهجِ التعامُلِ معه في مواضِعِه مِنْ الاستدلالِ، على ما سيأتي بيانُه بإذنِ الله. (٢)

المطلبُ الأوَّلُ: أنواعُ الأدلَّةِ النَّقليَّةِ:

أوَّلاً: القرآنُ الكريمُ. وقد وقعَ الاستدلالُ به على المعاني (١٢٤) مَرَّةً، وبلغَتْ نِسبةُ الاستدلالِ به بين الأدِلَّةِ (١. ١%).


(١) الموافقات ٣/ ٢٢٧. وينظر: تيسيرُ أصولِ الفقه (ص: ١٠٧).
(٢) قالَ ابنُ العربيّ (ت: ٥٤٣): «والتقسيمُ نوعٌ من العلومِ؛ فإنَّ الشيءَ ينقسمُ مِنْ ذاتِه، ومِن صِفاتِه، ومِن مُتَعَلَّقاتِه .. ». قانون التأويل (ص: ١٨٧).

<<  <   >  >>