للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [يونس: ١٥]، ومِن ثَمَّ لا يقَعُ النَّسخُ بالقياسِ وغيرِه مِنْ الدَّلائِلِ العقليَّةِ؛ ولذلك لم يذكُره ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) في تعدادِ النَّواسِخِ في مثلِ قولِه: «غيرُ جائِزٍ أن يُقضى على حُكمٍ مِنْ أحكامِ الله تعالى ذِكرُه أنَّه منسوخٌ إلا بخبرٍ يَقطَعُ العُذرَ؛ إمَّا مِنْ عِنْدِ الله، أو مِنْ عِنْدِ رسولِه ، أو بورودِ النَّقلِ المُستَفيضِ بذلك، فأمَّا ولا خَبَرَ بذلك، ولا يَدفَعُ صِحَّتَهُ عقلٌ، فغيرُ جائِزٍ أن يُقضى عليه بأنَّه منسوخٌ» (١).

القاعدةُ الثانيَةَ عشرَةَ: الآراءُ الفاسِدةُ والتمويهاتُ الباطِلةُ أصلُ أدلَّةِ المُبتَدِعَة.

أبانَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) في مواضِعَ كثيرَةٍ مِنْ تفسيرِه أصولاً مِنْ منهجِ المبتدعةِ في الاستدلالِ على المعاني، وأشارَ إلى أنَّ انحِرافَهُم في الاستدلالِ هو أصلُ ضلالِهِم في الأقوالِ، وله في ذلك نصوصٌ ظاهرَةٌ تكشِفُ عن شيءٍ مِنْ تلك المناهِجِ الخاطِئَةِ، والتي يُمكِنُ إجمالُ أسبابِ انحرافِها في: مخالَفَةِ المنهجِ الحَقِّ في الاستدلالِ؛ وهو منهَجُ رسولِ الله ، وصحابَتِه الكِرامِ، وسلفِ الأمَّةِ، ومن بَعدَهُم مِنْ الأئِمَّةِ؛ القائِمِ على الأصولِ العلميَّةِ الثَّابِتَةِ، والقواعِدِ الشَّرعيَّةِ الضَّابِطَةِ، التي تأتَلِفُ بها المعاني وأَدِلَّتُها، وتصيرُ بها معاني القرآنِ كالمعنى الواحِدِ؛ فلا تعارُضَ ولا تخالُفَ، بل يُصَدِّقُ بعضُها بعضاً، ويشهَدُ بعضُها بصوابِ بعضٍ.


(١) جامع البيان ٩/ ١٠٩. وقالَ الشّاطبيُّ: «النَّسخُ بعد موتِ النَّبي باطلٌ». الموافقات ٢/ ٤٨٩.

<<  <   >  >>